اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 365
من المؤمنين المحقين والكافرين المبطلين لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ ويوفون عليهم حين يحشرون ويعرضون على الله للحساب والجزاء بلا زيادة ولا تنقيص إظهارا للقدرة الغالبة الكاملة والعدالة التامة الشاملة رَبُّكَ الذي أظهرهم من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة أَعْمالَهُمْ اى اجورها وجزاءها ان خيرا فخير وان شرا فشر وكيف لا يوفيهم ولا يوفر عليهم سبحانه أجورهم إِنَّهُ سبحانه بذاته وأوصافه وأسمائه بِما يَعْمَلُونَ من الخير والشر والصلاح والفساد والعبادة وتركها خَبِيرٌ على وجه الحضور بحيث لا تغيب عن حضوره غائبة ولا تخفى عليه خافية ومتى تفطنت يا أكمل الرسل بخبرة الحق وحضوره تفطنا شوقيا وتنبهت تنبها وجدانيا حضوريا وانكشفت بها انكشافا عينيا شهوديا
فَاسْتَقِمْ واعتدل في اوصافك وافعالك وأقوالك كَما أُمِرْتَ من قبل ربك وبموجب وحيه والهامه عليك وَامر ايضا بالعدالة والاستقامة مَنْ تابَ مَعَكَ وآمن لك واتبعك وَبالجملة لا تَطْغَوْا ولا تميلوا ولا تخرجوا ايها المتحققون بحقية التوحيد واستقامة صراطه ولا تنحرفوا عن سبيل السلامة التي هي جادة الشريعة المصطفوية أصلا إِنَّهُ سبحانه بذاته بِما تَعْمَلُونَ من عموم الأعمال الموجبة للعدالة او الانحراف بَصِيرٌ لا يخفى عليه شيء ولصعوبة الامتثال بهذه الآية الكريمة قال صلّى الله عليه وسلّم شيبتني سورة هود وقال ايضا صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية قصمت ظهور أنبياء الله وأوليائه
وَبالجملة لا تَرْكَنُوا ولا تميلوا ميلة يسيرة ولا تلتفتوا التفاتا قليلا ايها المستوون على صراط الحق المستقيمون في جادة عرفانه وتوحيده إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا وخرجوا عن حدود الله الموضوعة لإصلاح احوال عباده فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ بادنى الميلة والالتفات وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ينقذونكم من النار لو توالونهم وتداومون الميل إليهم ثُمَّ اعلموا انكم لو اخترتم موالاة الظلمة واتخذتموهم إخوانا كسائر المؤمنين لا تُنْصَرُونَ أنتم ولا تنقذون من النار بولايتهم ونصرهم ايضا فعليكم ان لا تتخذوا الكفار اولياء من دون المؤمنين
وَأَقِمِ الصَّلاةَ وداوم يا أكمل الرسل على الميل والركون الى الله بجميع الأعضاء والجوارح في عموم الأوقات والحالات سيما طَرَفَيِ النَّهارِ اى قبل الطلوع وقبل الغروب فإنهما وقتان محفوظان عن وسوسة الأوهام خاليان عن الشواغل غالبا وَعليك ان تختلس الفرصة لتوجهك زُلَفاً في آنات وساعات مِنَ أواخر اللَّيْلِ قريبة بالنهار فان مجرد اقدامك عليها وإقامتك لها حسنات سيما في تلك الساعات الخالية عن وساوس الشواغل والخيالات إِنَّ الْحَسَناتِ الخالية عن شوب الرياء والرعونات يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ وتصفى صاحبها عن كدر الغفلات ذلِكَ اى الأمر بالاستقامة على المتذكرين الذين يذكرون الله في السراء والضراء ويتعظون بجميع ما جرى عليهم من الخصب والرخاء انما هو ذِكْرى وعظة كافية وتذكرة وافية لِلذَّاكِرِينَ الله في عموم أحوالهم وحالاتهم
وَبالجملة اصْبِرْ أنت يا أكمل الرسل على أذاهم واكظم غيظك فان الصبر على المصيبات من أعظم الحسنات والمثوبات فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ سيما على من أساء إليهم
فَلَوْلا وهلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ الذين قد خلوا مِنْ قَبْلِكُمْ فيهم أُولُوا بَقِيَّةٍ وتقية وذووا رأى ونهية وفضل وتدبير يَنْهَوْنَ برأيهم الصائب وتدبيرهم المتين عَنِ الْفَسادِ الواقع فِي الْأَرْضِ لكن اليوم ما بقي منهم عليها احد إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ اى من عقلائهم ليتبع لهم العوام فينجوا من الآثام وَمع ذلك لم يتبعوا حتى ينجوا بل اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 365